شاهندا وفرخندا جالستين في البلكونة، كل واحدة منهما تمسك كوب شاي ممتلئ حتى الحافة، لدرجة أن كل حركة خفيفة تهدد بانسكابه. الجو لطيف، لكنهما متأكدتان أنه سيقلب بعد قليل، لأن “الجو بقى متقلب زي عقولهم. وفجأة ، شاهندا تبدأ بالسؤال:

شاهندا: يا فرخندا، هو احنا مين وعايشين ليه؟

 فرخندا: يوووه، مالك داخلة في الفلسفة كده الصبح؟ انتِ ناقصة كركبة دماغ؟ مش كبرنا ع الكلام دا ؟ هو مفتاح البيت فين ؟

 شاهندا: ولا كبرنا ولا حاجة ، دا انا لسه صغيرة بس انتي اللي عامشة. وبعدين ما هو ياختي الصبح ده الواحد لازم يفكر في حاجات كبيرة، زى مثلاً ليه احنا هنا؟ وليه لما الواحد يدور على المفتاح مش بيلاقيه غير لما يبطل يدور عليه؟

فرخندا: اه دي نقطة مهمة علشان نفتح الباب ، بس مش فاكرة انا حطيته فين بقيت بنسى كل حاجة ، انا حتى من يومين كنت بدور على النضارة، طلعت لابسها فوق دماغي، دماغي راحت فين ياختي؟

شاهندا: راحت مع الزمن، احنا بقينا زي الموبيل أبو زراير ، هو شغال وعايش بس برضه مش عارفة احنا مين وعايشين ليه؟

فرخندا: احنا هنا علشان نرازي في بعض، وبعدين انتي كبرتي ع الكلام دا . البركة في الجيران اللي في العمارة ، هم اللي محتاجين يسألوا نفسهم السؤال دا واحنا نجاوبهم بخبرتنا

شاهندا: بس كدب بقى هو احنا لسه اصلا بنفكر في السؤال دلوقتي ، بس مش المفروض يكون فيه غاية أسمى من اننا نرازي في بعض ؟ او حاجة أكبر حتى من مجرد لم الغسيل وضياع المفتاح؟

فرخندا: على فكرة السؤال دا سمعت اجبته زمان والراجل كان بيقول دا سؤال ملحدين من اللي بيقولوا ربنا مش موجود ، لان ربنا خلقنا علشان نمجده ونعبده . شفتي بسيطة ازاي ، انتي بس مكبرة الموضوع ، بس برضه انتِي فاكرة هتعرفي المعنى ده وإنتي مش فاكرة إنتي حطيتي نظارتك فين؟

شاهندا: دي مشكلة تاني ، بس سمعت واحد بيقول انه فيه راجل حليوه كدة اسمه لويس قالك، لو لقيتي في نفسك احتياج لحاجة هي مش موجودة في الدنيا، يبقى يمكن انتي معمولة لحاجة بره الدنيا دي.

فرخندا: ايه هو اللي المعمول والحاجة اللي بره الدنيا . هو لويس دا متجوز ؟

شاهندا: الراجل مات يا فرخندا من زمان ، انتي مش عاتقة ميتين ولا أحياء ولا متجوزين ولا مطلقين ولا ارامل. وبعدين انا بكلمك في ايه وانتي بتتكلمي في ايه. بقولك اننا معمولين لحته تانية

فرخندا: آه ياختي، يعني إحنا معمولين لحتة تانية؟ ان شاء الله ندخل السما ، بس بالمنظر ده هننسى حتى لو دخلناها!

شاهندا: افهميني ، بره الدنيا فين وفي نفس الوقت نكون عايشين ؟ اكيد يعني مش لو طلعنا في المريخ هنلاقيها ، وبعدين بركبنا دي أخرنا نطلع فوق السطح وساعتها يمكن نلاقي حاجة ؟

فرخندا:  هنلاقي المعلم صالح بينشر ملاياته، وهنسمع أم سعيد بتزعق لعيالها، الحياة الحقيقية مش فوق السطوح، وانا شايفة انه دا سؤال مالوش لازمة، ومالوش اجابة غير اللي قلت لك عليها ، بس برضه  ممكن تبقى معني الحياة في شوية شاي بالنعناع، وإلا هنقعد نفكر ونجيب الكلام اللي يوجع الدماغ. عيشي الحياة ببساطة. يعني مش بعد ٨٠ سنة عاوزني أفكر في سؤال لحاجة خلصت من زمان.

(في هذه اللحظة، تطلع شاهندا إلى السماء، ثم تعود ببصرها إلى كوب الشاي، ثم فجأة تقفز واقفة كأنها اكتشفت نظرية فيثاغورس.)

شاهندا: يخرب بيتك !

فرخندا: فيه ايه، صالح هيتجوز ؟

شاهندا: صالح ايه وبتاع ايه، المفتاح كان في كوباية الشاي طول الوقت!

فرخندا: شايفة! اهو احنا بندور في كل حتة على الحاجة، وتطلع تحت مناخيرنا في الاخر

(تصمتان للحظة، ثم تهب ريح قوية فجأة، تنسكب الشاي على الترابيزة، وتطير الملاية اللي كان العم صالح بينشرها على السطوح، لتسقط على رأس شاهندا.)

شاهندا: انا مين وعايشة ليه؟ وعماله افكر في دا كله ، علشان في الآخر أتدفن بملاية المعلم صالح!

فرخندا: يوووه، طب قومي هاتي المفتاح وتعالي نكمل الشاي جوه.  احنا عايشين علشان نمجد ربنا خلي عندك ايمان ، وتوبي قبل ما نلاقي نفسنا عايشين تحت البلكونة بدل فيها بسبب الكفر اللي بتفكري فيه.

وتنتهي الحلقة الأولى ..

ويبقى سؤال هو انا عايش ليه ؟
سهلة اجابته  فعلا !! : احنا اتخلقنا علشان نعبد ونمجد ربنا ؟ هل دي اجابه حقيقية ؟
ولا مالوش اجابة فعلا وكل الكلام الموجود فيه كلام نظري ؟

هل التفكير في السؤال دا نوع من أنواع الإلحاد ؟
ولا هنعرف لما هنموت ؟ طيب وايه لازمة الحياة هنا لو اتخلقنا لعالم ولسبب برة العالم بتاعنا ؟؟
هل الكبار المفروض ميفكروش فيه .. ولو فكروا ليه مقدموش اجابة مناسبة تساعدنا .. ؟
هل السؤال دا رفاهية … ولا ضرورة ؟